السؤال:
السلام عليكم و رحمة الله بركاته أحسن الله إليكم شيخنا أبا سعيد ما حكم رفع اليدين بالدّعاء بعد كل صلاة مكتوبة؟ و بارك الله فيك.
الجواب:
لم يكن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم ولا من منهجه رفع يديه للدعاء بعد المكتوبة، لا وحده، ولا مع المأمومين، بل جَعَل ذلك الوقت للأذكار والأدعية الخاصّة بما بعد الصلاة، وبدون رفع الأيدي، فإن رسول الله صلى لله عليه وسلم صَلَّى بالناس إمَامًا عشر سنين، ولم يفعل ذلك ولو مرّة واحدة، ففِعله هذا يشرح لنا أقواله التي بيّن فيها المقصود من الدّعاء دُبر الصلوات المكتوبة، مِثل حديث أبي أمامة رضي الله عنه، قال: قيل: يا رسول الله، أيُّ الدعاءِ أسمعُ؟ قال:«جوف الليل الآخِر، ودُبُر الصلوات المكتوبات» رواه الترمذي (3499) وحسّنه، ووافقه الألباني. فيكون المعنى الدّعاء العامّ قبل السلام لورود أحاديث تَحُثُّ على الدّعاء قبل السلام، أو يكون معناه بعدالسلام وبعد الأذكار المشروعة لكن بدون رفع الأيدي، وهذا القول هو قول الإمام مالك وغيره رحمهم الله تعالى، قال الشيخ صالح بن عبد السميع الآبيّ الأزهري رحمه الله تعالى في كتابه الثمر الداني في تقريب المعاني بشرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني، في آخر باب في الإمامة وحكم الإمام والمأموم في ص (193) ما نصّه: فائدة: « كره مالك رضي الله عنه وجماعة من العلماء لأئمة المساجد والجماعات الدعاء عقب الصلوات المكتوبة جهرا للحاضرين فيجتمع لهذا الإمام التقديم وشرف كونه نصب نفسه واسطة بين الله تعالى وبين عباده في تحصيل مصالحهم على يديه في الدعاء فيوشك أن تعظم نفسه ويفسد قلبه ويعصي ربه في هذه الحالة أكثر مما يطيعه وروي أن بعض الأئمة استأذن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يدعو لقومه بدعوات بعد الصلاة فقال لا لأني أخاف عليك أن تشمخ نفسك حتى تصل الثريا أي ترتفع نفسك وهذا كناية عن الكبر ويجري مجرى هذا كل من نصب نفسه للدعاء لغيره» اهـ. وقد نقل القرافي المالكي هذا القول أيضا في كتابه الفروق في الفَرْق (274