أهل القرآن.
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


تحفيظ القرآن وتعلم أحكامه ونشر التوحيد.
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخولكتب فلاشية
مرحبا بكم في منتدى أهل القرآن لـتحفيظ القرآن وتعلم أحكامه ونشر التوحيد.

 

 شرح المنظومة البيقونية للشيخ عبد الكريم الخضير ج5

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أبو محمد الأزهري
Admin
avatar


عدد المساهمات : 160
تاريخ التسجيل : 17/12/2011
العمر : 40

شرح المنظومة البيقونية للشيخ عبد الكريم الخضير ج5 Empty
مُساهمةموضوع: شرح المنظومة البيقونية للشيخ عبد الكريم الخضير ج5   شرح المنظومة البيقونية للشيخ عبد الكريم الخضير ج5 Emptyالثلاثاء سبتمبر 09, 2014 11:22 am

هو الكتاب الذي من قام يقرأه *** كأنما خاطب الرحمن بالكلمِ

لكن لا نطيق البقاء في مكان خالي، وبعض الناس يستوحش من بقائه في المسجد وحده، المسجد بيت كل تقي.

وخير مقام قمت فيه وحلية *** تحليتها ذكر الإله بمسجدِ

...... الإنسان إذا صار بمفرده تيسر له أن يذكر الله -جل وعلا- بحضور قلب، يتيسر له أن يبكي من خشية الله، من غير مراءات ولا ملاحظة، نعم، لكن إذا كان عنده أحد، الله المستعان إما يشوش عليه فلا يستطيع أن يتذكر، أو يخشى من رياء أو غيره، فلا يؤدي العبادة حقها، فسند عالي، وبيت خالي، فسند عالي؛ لأن علو الإسناد بقلة الرواة لا شك أنه أقرب إلى الصحة؛ لأن الرواة منافذ، كل واحد منهم منفذ يحتمل أن يرد أو يتأتى الضعف إلى الخبر من قبله، أنت إذا وجدت إسناد ثلاثي أو إسناد سداسي أو سباعي هؤلاء الثلاثة كل واحد منهم يحتمل أنه أخطأ في الخبر، وهم ثلاثة، لكن في السبعة..، سبعة احتمالات لورود الخطأ إلى الخبر أشد من ثلاثة احتمالات وأربعة، ما من راوٍ إلا ويحتمل أن يتطرق الخلل إلى الخبر من قبله، ولذا فضلوا العلو، لكن يبقى أن يكون هذا العلو بأسانيد نظيفة، ما نحرص على أسانيد عالية على أي وجه كان، لا؛ لأن إذا كان عندنا سند نازل في رواة ثقات أفضل من سند عال برواة ضعاف؛ لأن مدار الصحة على نظافة الأسانيد، والعلو لا شك أنه وإن كان مهماً، وأقرب إلى الصحة، لكنه يبقى أننا نلاحظ الشرط الأصلي لثبوت الأخبار وثقة الرواة، واتصال الأسانيد، السند العالي، وقلنا: إن العلو هو قلة الرواة، وأعلى ما في الكتب الستة، بل السبعة الثلاثيات، وفي المسند أكثر من ثلاثمائة حديث ثلاثي، وفي البخاري اثنان وعشرون حديثاً ثلاثياً، وجل هذه الثلاثيات من طريق المكي ابن إبراهيم عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع جل الثلاثيات في البخاري بهذا الإسناد، في اثنان وعشرون حديثاً ثلاثياً، مسلم ليس فيه ولا حديث ثلاثي، النسائي ما فيه حديث ثلاثي، أبو داود فيه حديث أختلف فيه هل هو ثلاثي أو ليس بثلاثي؟ حديث أبي برزة في الحوض، يرويه أبو داود، القصة ثلاثية، لكن الخبر المرفوع في ضمن القصة رباعي، فمن قال: فيه ثلاثي نظر إلى هذه القصة، ومن نظر إلى أنه ما في ثلاثي، من قال: إن أبا داود ليس به ثلاثي قال: إن هذه القصة ما لنا بها دعوة، حنا نبحث عن الأحاديث، والحديث رباعي، عندنا مسلم والنسائي وأبو داود ليس فيها أحاديث ثلاثية بهذا الاعتبار، لكن ابن ماجه فيه، فيه أكثر من حديث، والترمذي فيه أيضاً، وجل الثلاثيات من طريق جبارة بن المغلس عند ابن ماجه وهو ضعيف، هذه هي العوالي في الكتب الستة، أنزل ما في البخاري حديث تساعي « ويل للعرب من شر قد اقترب » وهذا أنزل ما في البخاري، وأنزل ما في الكتب الستة حديث يتعلق بسورة الإخلاص، يرويه النسائي من طريق أحد عشر راوياً نازل جداً، العلو إما أن يكون العلو مطلقاً بالقرب من النبي -عليه الصلاة والسلام-، علو مطلق، أو يكون علو نسبي بالقرب من إمام من أئمة الحديث، أو بالقرب من مصنف من المصنفات المشتهرة، فكونك تروي عن الإمام أحمد مثلاً، وهو إمام أو عن مالك أو عن سفيان أو شعبة بأقل ما يكون من الرجال هذا علو، لكنه علو نسبي؛ لأنه قد يكون ما بين هذا الإمام وبين النبي -عليه الصلاة والسلام- نازل، فكونك تقرب بالرواية من إمام هذا علو، تقرب برواية كتاب من الكتب المشهورة هذا علو، لكنه نسبي؛ لأن هذا الحديث قد يكون نازل، الذي ترويه من طريق هذا الكتاب المشهور، وإن قلت الوسائط بينك وبين صاحب الكتاب، العلو عندهم أقسام كثيرة، ويذكرون الموارقة والبدل والمصافحة والمساواة، هذه تذكر في العلو النسبي، وهناك علو أيضاً بتقدم السماع من الشيخ، أيضاً هذا علو، وإن اتحد عدد الرواة، فأنت تروي من طريق شيخ رويت عنه في حال شبابه حديثاً، وروى عنه آخر بعدك بخمسين سنة عدد الرواة رواتك أنت مع ذلك الشخص الذي تأخر بالرواية عنه العدد واحد؛ لأنهم كلهم من طريق هذا الشيخ، وإسناده واحد لا يختلف في أول أمره وفي آخره، ما يختلف، هذا الذي روى عنه في أول الأمر يسمى عالي، والذي تأخر بالسماع عن هذا الشيخ يسمى نازل، فالعلو والنزول بتقدم السماع وتأخره معروف عند أهل العلم، هناك علو وإن كان نسبياً من وجه إلا أنه قد يكون مطلقاً من وجه آخر، فكونك تروي صحيح البخاري بأقرب طريق وأخصر إسناد، هذا علو نسبي بالنسبة لروايتك لهذا الكتاب، نسبي، لكن كونك تروي الكتاب بأقرب طريق وفي هذا الكتاب عوالي، فأنت تروي هذه العوالي عن النبي -عليه الصلاة والسلام- فتكون الواسطة بينك وبينه أقل ما يمكن من عدد الرجال، فهو علو مطلق من وجه، ونسبي من وجه آخر، ومثل ما قلنا: هذه أمور تكميلية، فصحة الأحاديث مدارها على ثقة الرواة، واتصال الأسانيد، والعلو جماهير أهل العلم على أنه أفضل من النزول، وإن ادعى بعض المتكلمين أن النزول أفضل، النزول أفضل لماذا ؟ بعض المتكلمين يرى أن النزول أفضل، هنا يتجه قول من تعاطى غير فنه أتى بالعجائب، يقول: النزول، الحديث الذي يروى من طريق عشرة رواة أفضل من الحديث الذي يروى من طريق خمسة رواة، لماذا ؟ لأنك تحتاج في كل راوي إلى ربع ساعة في البحث عن حاله، فإذا بحثت الحديث الذي يروى من طريق خمسة تحتاج إلى ساعة وربع، بينما إذا بحثت في سند الحديث المتلقى بواسطة عشرة تحتاج إلى ساعتين ونصف، والأجر على قدر المشقة، يعني كونك تخرج حديث وتتعب عليه ساعتين ونصف يكون أجرك أكثر من أنك تخرجه وتدرسه في ساعة وشيء أو بساعة، نقول: المشقة ليست مطلوبة لذاتها، أبداً، يعني كون الأجر يرتب على الخطى إلى المساجد، هل معنى هذا أن الإنسان المسجد أمامه يروح يدور من وراء الحارة ليكسب الخطى؟ نقول: لا، التعب الذي تقتضيه العبادة له أجر، والذي لا تقتضيه العبادة الله -جل وعلا- غني عن أن يعذب الإنسان نفسه، فالمشقة لذاتها ليست بهدف شرعي، فأنت حينما تبحث هؤلاء العشرة وبإمكانك أن تبحث الخمسة الخمسة أفضل، وتوفر الجهد لعبادة أخرى، ومثل ما قالوا: فيما ذكرنا عنه في أول الأمر أنه ما من راوٍ من الرواة إلا ويحتمل الخلل أن يتطرق إلى الخبر من قبله، فمن يتعاطى غير فنه يأتي بمثل هذه العجائب.

" وَ كُلُّ ما قَلَّتْ رِجَالُهُ عَلاَ *** وَ ضِدُّهُ ذَاكَ الَّذِي قَدْ نَزَلاَ "

النازل على ما مشى عليه أنه ضد العالي، وهو ما كثرت رجاله يسمونه نازل، هل نستطيع أن نقول: ضد وإلا نقيض؟ ضد العالي وإلا نقيض العالي؟ إيش الفرق بينهما؟
طالب:......
الشَّيْخ الخُضَيْر : لا يجتمعان أبداً، والنقيضان لا يجتمعان.
طالب:......
الشَّيْخ الخُضَيْر : إيه، قل لا يرتفعان صح، يرتفعان صحيح، أما الاجتماع ما يمكن أبداً، الضدين لا يجتمع ضدان، كما أنه لا يجتمع نقيضان، لكن النقيضان لا يرتفعان، الوجود والعدم في آن واحد لا يمكن أن يجتمعان أبداً، ولا يرتفعان، نعم لكن الأسود مع الأبيض لا يجتمعان، لكن يمكن أن يرتفعا، يصير أصفر وإلا أخضر وإلا لون ثالث، فالنقيضان لا يجتمعان ولا يرتفعان، بخلاف الضدين فأنهما لا يجتمعان، لكنهما يمكن أن يرتفعا، العلو والنزول الذي معنا هل هما من باب الضد وإلا من باب النقيض؟ يعني إذا وجدنا حديث هذا عالي وهذا نازل، هل نجد ثالث ليس بعالي ولا بنازل؟ نعم، نجد وإلا ما نجد؟ ما قلنا: إنه أعلى شيء في البخاري الثلاثي، وأنزل شيء التساعي، طيب السداسي وش يصير عالي وإلا نازل؟ أو ليس بعالي ولا نازل؟ نعم، إحنا قررنا الكتاب واحد، ...........، وتعبيره سليم، سبق الكلام عن المرفوع: وهو ما يضاف إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، والمقطوع: وهو ما يضاف إلى التابعي فمن دونه، وهنا يتكلم المؤلف -رحمه الله تعالى- الناظم عن الموقوف.

" وَمَا أَضَفْتَهُ إِلَى الأَصْحَابِ مِنْ *** قَوْلٍ وَفِعْلٍ فَهْوَ مَوْقُوفٌ زُكِنْ "

زكن: يعني علم.

" وَمَا أَضَفْتَهُ إِلَى الأَصْحَابِ مِنْ *** قَوْلٍ وَفِعْلٍ فَهْوَ مَوْقُوفٌ زُكِنْ "

فالموقوف: ما يضاف إلى الصحابة من أقوالهم وأفعالهم، يسمى موقوف، وهو تمام القسمة؛ لأن القسمة للأخبار باعتبار الإضافة ثلاثية: المرفوع، والموقوف، والمقطوع، فالمرفوع: ما يضاف إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، والموقوف: ما يضاف إلى الصحابة -رضوان الله عليهم-، والمقطوع ما يضاف إلى التابعين ومن دونهم، وسبق البحث في المرفوع والمقطوع، هنا الموقوف قول وفعل، المرفوع قول وفعل وتقرير، هل نقول: من الموقوف التقرير بأن يفعل بحضرة الصحابي شيء ولا ينكره؟ هل نقول: إن هذا موقوف يمكن إضافته للصحابي؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يقر على منكر، لا يقر، بل لا بد أن ينكر، ولذا التقرير سنة، وجه من وجوه السنة كالقول والفعل، لكن هل يمكن فيما يضاف إلى الصحابة التقرير ؟ نعم الصحابة هم أغير الناس على محارم الله -جل وعلا-، لكن قد يحتاج الإنسان إلى أن يداري، يحتاج الإنسان إلى أن يجتهد، فيرى أن هذا ليس بمحل للإنكار، أو يخشى أن يترتب عليه مفسدة أعظم من المنكر فيسكت، ولذا الساكت لا ينسب له قول، ولم يضيفوا التقرير إلى الموقوف، اكتفوا بالقول والفعل.
من أهل العلم من الفقهاء من يسمي الموقوف الأثر، بعض الفقهاء من الشافعية، بل من الخراسانيين على وجه الخصوص يطلقون الأثر ويريدون به الموقوف، ومقتضى صنيع البيهقي في المعرفة (معرفة السنن والآثار) السنن المرفوعة والآثار، يعني الموقوفات يؤيد هذا، لكن الأكثر يطلقون الأثر ويريدون به الأحاديث والأخبار، سواء كانت مرفوعة أو موقوفة، ومن هذا مشكل الآثار، وشرح معاني الآثار، هذا ليس خاص بالموقوفات، وانتسب إلى الأثر جمع من أهل العلم، فإذا قيل فلان بن فلان الأثري، هل معنى هذا أنه يهتم بالموقوفات دون المرفوعات؟ نعم، لا، الأصل المرفوع، فمن يعتني بالحديث بالسنة عموماً يقال له: أثري، انتسب إلى الأثر جمع من أهل العلم، الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى-:

يقول راجي ربه المقتدر *** عبد الرحيم بن الحسين الأثري

نسبة إلى الأثر، واهتمامه بالمرفوع كما هو معلوم أعظم من اهتمامهم بالموقوف.

" وَمُرْسَلٌ مِنْهُ الصَّحَابِيُّ سَقَطْ *** وَقُلْ غَرِيبٌ مَا رَوَى رَاوٍ فَقَطْ "

" وَمُرْسَلٌ مِنْهُ الصَّحَابِيُّ سَقَطْ " المرسل: ويجمع على مراسل ومراسيل، كالمسند يجمع على مساند ومسانيد، والمفتاح يجمع على مفاتح مفاتيح، المرسل يختلف أهل العلم في تعريفه، والذي ذكره المؤلف : " وَمُرْسَلٌ مِنْهُ الصَّحَابِيُّ سَقَطْ " إن كان يقصد بذلك الجنس، جنس الصحابي فقد يتفق قوله مع قول من يقول: إن المرسل ما يرفعه التابعي، لكن من يضمن أنه ما سقط إلا الصحابي على هذا التعريف؛ لأنا إذا ضمنا أنه لم يسقط إلا الصحابي فجهالة الصحابة لا تضر، فيلزمنا قبوله، لكن إذا رفع التابعي الخبر إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- كما يقرر أهل العلم في تعريف المرسل :
مرفوع تابع على المشهورِ *** ومرسل وقيده بالكبيرِ

فما يرفعه التابعي إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- هذا هو المتفق على تعريفه بالمرسل، لاسيما إذا كان من كبار التابعين، إما إذا ضمنا أن الساقط صحابي فلا يتأتى الخلاف المذكور في المرسل؛ لأن الصحابة كلهم عدول، ذكروا أو حذفوا، فإذا قلنا: بأن المرسل ما يرفعه التابعي، احتمال أن يكون هذا التابعي رواه عن تابعي آخر وأسقطه، والتابعي عن تابعي ثالث وأسقطه، وأسقط معهما الصحابي، ويجتمع في السند الواحد اثنان من التابعين وثلاثة من التابعين أربعة من التابعين خمسة من التابعين، ستة من التابعين في سند واحد، فلو حذف الخمسة وبقي واحد منهم من التابعين وأضافه هذا التابعي الصغير إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- داخل في حد المرسل، وما من واحد من هؤلاء التابعين الذين حذفوا إلا ويحتمل أن يكون ثقة أو ضعيفاً، وإذا وجد هذا الاحتمال قوي القول بأن المرسل ضعيف، المرسل الذي هذا حده، ما يرفعه التابعي إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأن المؤلف أو الناظم استدرك عليه في قوله : " وَمُرْسَلٌ مِنْهُ الصَّحَابِيُّ سَقَطْ " لأننا إذا جزمنا أنه ما سقط إلا الصحابي الخبر صحيح ما يضر........ الصحابي، لكن إذا قلنا: ما رفعه التابعي إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- ورد الاحتمال أن هذا التابعي رواه عن تابعي والتابعي عن تابعي إلى آخره، وبالمناسبة الحديث الذي ذكرناه وهو أنزل حديث في الكتب الستة، الذي يرويه النسائي في فضل سورة الإخلاص فيه ستة من التابعين، وهو أطول إسناد في الدنيا كما يقول النسائي -رحمه الله تعالى-، إذا أمكن الاحتمال، ووجد الاحتمال في أن هذا التابعي رواه عن تابعي آخر والتابعي عن ثالث والتابعي عن رابع إلى آخره قوي القول بضعف المراسيل، والخلاف في المرسل يذكر عن أبي حنيفة ومالك الاحتجاج بالمراسيل خلافاً لغيرهم، وابن عبد البر نقل عن الطبري أن التابعين بأسرهم يقبلون المراسيل، وأنه لا يعرف لهم مخالف إلى رأس المأتيين، ومع ذلك يذكر عن سعيد بن المسيب أنه يرد المراسيل، طيب الطبري يقول: إنه..، ينقل الاتفاق أن المراسيل مقبولة إلى رأس المأتيين، ماذا عن خلاف سعيد بن المسيب المذكور؟ نعم، ماذا عن مراسيل سعيد؟ هل يستدرك بسعيد وهو إمام من أئمة التابعين؟ إن لم نقل أنه أفضل التابعين على قول الإمام أحمد، والشافعية يقبلون مراسيل سعيد، والمسألة منفكة كونه يرسل غير كونه لا يقبل المرسل الجهة منفكة، فهل نستدرك على الطبري بكون سعيد وهو أفضل التابعين على قول أنه لا يقبل المراسيل أو لا نستدرك؟ يستدرك عليه وإلا ما يستدرك؟ يعني ينقض الاتفاق بقول سعيد وإلا ما ينقض؟ نعم.
طالب:.......
الشَّيْخ الخُضَيْر : نعم الإجماع عند الطبري قول الأكثر، الإجماع عنده قول الأكثر، وهذا معروف عنه، وكثيراً ما يقول في تفسيره، وقد اختلف القرأة في كذا، ثم يذكر قول الأكثر، ثم يذكر المخالف، ثم يقول: "والصواب في ذلك عندنا كذا لإجماع القرأة على ذلك" طيب أنت ذكرت الخلاف فكيف تقول: لإجماع القرأة على ذلك؟ الإجماع عنده قول الأكثر، فلا يستدرك بسعيد عليه، بعد المأتيين أو على رأس المأتيين جاء الإمام الشافعي فوضع شروط لقبول المرسل، وكل ما تأخر الزمن كثر القول بعدم قبول المراسيل، وذلكم لأن الأمر في أول الأمر في عهد الصحابة والتابعين الصدق هو السمة الغلبة على الناس، لكن بعدهم كثر الخلل، كثرت المخالفات صار الناس يعاشرون الرواة إلي ماهم على مستوى بحيث تقبل أخبارهم، فتوجد عندهم الحساسية........ يعني الشخص الذي لا يخالط الناس ولا يعرف إلا الصالحين، نعم مثل هذا هل يسيء الظن بالناس؟ مثل من يخالطهم ويعرف خباياهم؟ ويعرف دخائلهم؟ لا شك أن الذي يخالط الناس، ويعرف هذا يكون عنده احتياط وعنده سوء ظن بالناس، فيتحسس ويتأكد من أخبارهم، بينما الصالح الذي لا يخالط إلا الصالحين يحسب الناس كلهم مثله، ومثل جلسائه، قد يحسن الظن بكثير من الناس، ولذا كل ما يتأخر الزمن يشدد العلماء في قبول المراسيل، والساقط ساقط هو، يعني ما يرفعه التابعي هو ما يرفعه التابعي سواء تأخر الزمن أو تقدم، ولذا يحتج مالك وأبو حنيفة بالمراسيل، ويرد المراسيل من جاء بعدهم يقول الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى-:

واحتج مالك كذا النعمانُ *** به وتابعوهما ودانوا
ورده جمــاهر النقـادِ *** للجهل بالساقط بالإسنادِ

الساقط مجهول، ما يدرون وش هو؟

وصاحب التمهيد عنهم نقله *** ومسلم صدر الكتاب أصله

أصل الرد، رد المراسيل، صاحب التمهيد نقل عن الأكثر، عن الجماهير أنهم يردون المراسيل، وهذا كله على القول بأن المرسل ما يرفعه التابعي، ومنهم من يرى أن المرسل ما يرفعه التابعي الكبير، وهذا من شروط الشافعي لقبول المراسيل: أن يكون المرسل من كبار التابعين، وأن يكون للمرسل شاهد يقويه من مسند أو مرسل آخر يرويه غير رجال المرسل الأول، أو يعضده قول صحابي، أو يفتي به عوام أهل العلم، ويكون المرسل من كبار التابعين، وإذا سمى من يروي عنه لا يسمي مرغوباً في الرواية عنه، يعني لا يرسل إلا عن الثقات.
القول الثاني في تعريف المرسل أنه: ما لم يتصل إسناده على أي وجه كان، فإذا سقط من أوله قالوا : أرسله فلان، وإذا سقط من أثنائه قالوا: أرسله فلان، إذا سقط من آخره قالوا: أرسله فلان، وكثيراً ما يقولون: أرسله فلان، وأسنده فلان، يعني أن هذا ذكره مسنداً متصل السند، والثاني ذكره على ما فيه من انقطاع، فيشمل جميع أنواع الانقطاع.
" وَقُلْ غَرِيبٌ مَا رَوَى رَاوٍ فَقَطْ " وهذا كالموقوف يعني أخره عن صاحبيه لعدم ملاحظته الترتيب وإلا فالأصل أن يذكر مع العزيز والمشهور، كما أن الموقوف الأولى أن يذكر مع المرفوع والمقطوع، هنا عرج على ذكر الغريب: وهو ما يتفرد بروايته راو واحد في أي طبقة من طبقات إسناده، وبعضهم وهو أيضاً يفهم من كلام ابن حجر أن تفرد الصحابي لا يسمى غرابة؛ لأن الواحد من الصحابة عن جماعة من غيرهم، ومنهم من يدخل الصحابة فيعم، ويقول: الغريب ما يرويه أو يتفرد بروايته راو واحد، في أي طبقة من الطبقات..، رواه عشرة عن عشرين عن خمسة عن واحد عن مائة، هذا يسمى غريب؛ لأن الواحد الأقل يقضي على الأكثر، مثل ما قلنا في العزيز والمشهور، فإن كانت الغرابة في أصل السند جهة، الطرف الذي فيه الصحابي قيل: غرابة مطلقة، وأكثر ما يطلق عليه الفرد، يعني الفرد المطلق، وإذا كانت الغرابة في طبقة من دون الصحابة سميت الغرابة نسبية، والغرائب يكثر فيها الضعيف؛ لأن تفرد الراوي مظنة للخطأ، بخلاف موافقة غيره له مظنة التجويد والحفظ والضبط، أما إذا تفرد به راويه فهو مظنة، ولذا جاء التحذير من الإكثار من رواية الغرائب، نعم في الصحيحين غرائب، لكنها صحيحة ثابتة لا إشكال فيها، والغريب كالمشهور وكالعزيز يقع فيه الصحيح والضعيف والحسن، إلا أن الغرابة مظنة للضعف، والله أعلم.
وصلى وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


 

الدَّرْسُ الثَّالِثُ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال الناظم -رحمه الله تعالى-:

وَكُلُّ مَا لَمْ يَتَّصِلْ بِحَالِ *** إِسْنَادُهُ مُنْقَطِعُ الأوْصَالِ

« الشَّـرْحُ » :
عرفنا أنهم يشترطون لصحة الخبر اتصال الإسناد بأن يكون كل راوٍ من رواته قد تحمله ممن فوقه بطريق معتبر، إذا وجد خلل في أي طبقة من طبقات الإسناد بحيث لا يتم الاتصال، فالذي ضده والذي يخرج بقيد الاتصال الانقطاع، فالمنقطع ضد المتصل، فالذي لا يتصل إسناده، ولا يتحقق فيه الشرط المذكور منقطع، وهذا الانقطاع منه ما هو انقطاع ظاهر، أو سقط ظاهر من الإسناد، ومنه سقط خفي، فالسقط الظاهر لا يخلو إما أن يكون من مبادئ السند، طرفه الذي فيه المصنف، من قبل المصنف، هذا يسمونه المعلق، أو من أصله وهو طرفه الذي فيه الصحابي فيسمى المرسل، وإن كان من أثنائه، أن كان من أثناء السند، فإن كان باثنين فأكثر على التوالي سمي المعضل، وإن كان بواحد أو بأكثر من واحد في أكثر من موضع يسمونه المنقطع، المنقطع له مسمى عام وخاص، فالعام يشمل جميع أنواع الانقطاع الظاهر والخفي منقطع، وهو ما يكون بضد الاتصال، يصير قسيم للاتصال، فالسند إما أن يكون متصل أو منقطع، المنقطع هذا يشمل جميع الأنواع والتسمية الخاصة، أو الاصطلاح الخاص للمنقطع يكون قسيماً للمعلق والمعضل والمرسل، فهم من باب التوضيح والحصر للطالب ليكون أسهل لاستيعابه، يجعلون كل نوع يسمى باسم خاص، وإلا فالأصل أن كل هذه الأنواع منقطعة، وانتهى الإشكال، لكن إن كان الانقطاع من مبادئ السند سمي المعلق، وإن كان من آخره سمي المرسل، وإن كان من أثنائه فإن كان بواحد فهو المنقطع، وإن كان باثنين فأكثر على التوالي سمي المعضل.

"وَكُلُّ مَا لَمْ يَتَّصِلْ بِحَالِ *** إِسْنَادُهُ مُنْقَطِعُ الأوْصَالِ"

وهذا يساعده المعنى اللغوي، المعنى اللغوي يساعد هذا التعريف، وهو أيضاً المقابلة بالاتصال تجعل كل ما لم يتصل فهو منقطع.

وَالمُعْضَلُ السَّاقِطُ مِنْهُ اثْنَانِ *** وَمَـا أَتَى مُدَلَّـساً نَوْعَانِ

« الشَّـرْحُ » :
المعضل: ما سقط من إسناده راويان فأكثر على التوالي، " وَالمُعْضَلُ السَّاقِطُ مِنْهُ اثْنَانِ " المعضل الساقط منه أكثر من راوي، ولا بد من تقييده بأن يكون في أثناء السند؛ لأنه إن كان من مبادئه ولو باثنين أو ثلاثة سمي إيش؟ معلق، وإن كان من آخره ؟ نعم، إذا سقط اثنين من آخره، سقط التابعي والصحابي؟
طالب:........
الشَّيْخ الخُضَيْر : لا، يسمونه معضل، لكن يبقى أنه إذا سقط الصحابي فقط، وأسقط النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأضيف المتن إلى التابعي، إيش يسمى؟ نعم، إذا حذف الصحابي، وحذف النبي -عليه الصلاة والسلام-، ووقف المتن على التابعي، هو معروف الخبر حديث مرفوع أصله، لكن جاءنا من طريق محذوف الصحابي، ومحذوف النبي -عليه الصلاة والسلام-، ومنسوب القول إلى هذا التابعي، يقول: "هذا باستحقاق اسم الإعضال أولى" ولذا يقول: "ومنه قسم ثاني".

حذف الصحابي والنبي معا *** ووقف متنه على من تبعا

هذا يقول جعله الحاكم من قبيل المعضل، وابن الصلاح يقول: "هذا باستحقاق اسم الإعضال أولى" لأن حذف الصحابي والنبي -عليه الصلاة والسلام- يصدق عليه أنه حذف منه راويان، حذف منه أكثر من راوي على التوالي، ووقف المتن على التابعي، يقول: " هذا باستحقاق اسم الإعضال أولى، ولا بد أن يكون الساقط باثنين فأكثر، وأن يكون متواليين".

والشرط في ساقطه التوالي *** والإنفراد ليس بالإعضالِ

والإعضال لا شك أنه أشد من الإرسال، وأشد من الانقطاع، وأشد من التعليق، الإعضال من قولهم: هذا أمر معضل، أي مستغلق شديد؛ لأن الراوي بحذفه اثنين جعل الوصول إلى المحذوف وعر، يعني إذا حذف واحد إذا حذف راوي واحد فأنت بإمكانك أن تصل إلى هذا الراوي، بمراجعة كتب الرجال التي تعنى بذكر الشيوخ والتلاميذ قد تصل، نعم، تنظر إلى الشيخ الذي نسب إليه الخبر، ثم تنظر في تلاميذه تجد منهم عدد، ثم تنظر فيمن روى بالواسطة المحذوفة عن هذا الشيخ، تنظر في شيوخه فتجد الراوي المسقط، هذا يمكن الوصول إليه، لكن إذا سقط اثنين كيف تنظر؟ كيف تنظر إذا سقط اثنين ؟ لا شك أنه يستغلق عليك الأمر، ويشتد عليك الأمر، ولذا سموه معضل، أي مستغلق شديد، بمعنى أن الوصول إليه في غاية الوعورة، وعر، لا يمكن الوصول إلى المحذوف.
يقول: " وَمَـا أَتَى مُدَلَّـساً نَوْعَانِ " المدلس: هو الذي اشتمل على عيب أخفي عيبه، وأظهر الخبر على أنه لا عيب فيه، كالسلعة التي فيها تدليس والغش، يخفى عيب السلعة فتظهر هذه السلعة على وجه كأنها لاعيب فيها، والخبر يظهر على أنه لا عيب فيه، فيسمى مدلس من الدلس، وهو اختلاط الظلام، فيقول: " وَمَـا أَتَى مُدَلَّـساً نَوْعَانِ ".

الأوَّلُ الإسْقُاطُ للشَّـيْخِ وَأَنْ *** يَنْقُلَ عَمَّنْ فَوقَهُ بِعَنْ وَأَنْ

« الشَّـرْحُ » :
يقسمون التدليس إلى نوعين: تدليس الإسناد وتدليس الشيوخ، والمدلس من أنواع السقط الخفي، السقط الظاهر أنواعه أربعة: التعليق والإرسال والانقطاع والإعضال، هذه ظاهرة، أنواع ظاهرة للسقط؛ لأنه يدركها آحاد المتعلمين، تعرف بعدم المعاصرة بين الراوي ومن روى عنه، لكن السقط الخفي لا شك أنه لا يدركه إلا أفراد من الناس، لأنك إذا بحثت في الترجمة وجدت أن هذا عاصر هذا، وتجد هذا قد يكون لقي هذا، فأنواع السقط الخفي: المدلس والمرسل الخفي، ولتوضيح الصورة، وتحديد الفرق بين النوعين ننظر في حال من روى مع من روى عنه؛ لأنه أحياناً يكون الراوي واضح أنه ما عاصر الراوي عنه، يعني زيد يروي عن عمرو، عمرو مات سنة مائة، وزيد ولد سنة مائة وعشرة، هذا ظاهر وإلا خفي؟ نعم هذا سقط ظاهر، معروف يدركه الناس كلهم أنه ما يمكن أن يروي شخص ولد سنة مائة وعشرة عن شخص مات سنة مائة، لا يمكن، هذا سقط ظاهر، يدركه جميع المتعلمين، لكن السقط الخفي إذا كان هذا الراوي مولود سنة ثمانين، ومن روى عنه توفي سنة مائة، يمكن وإلا ما يمكن؟ يمكن، المعاصرة موجودة، لكن لم يثبت لقاء أحدهما بالأخر، المعاصرة ثابتة، واللقاء غير معلوم، هذا يسمونه، إذا روى بصيغة موهمة، هذا يسمونه مرسل خفي، وليس من التدليس، التدليس إذا روى عمن لقيه ما لم يسمعه منه بصيغة موهمة كعن وأن، وقال وذكر، هذا تدليس، روى عمن عاصره ممن لم يثبت لقاؤه له هذا إرسال خفي، روى عمن لقيه ما لم يسمعه منه بصيغة موهمة هذا تدليس، روى عمن سمع منه أحاديث ما لم يسمعه منه بصيغة موهمة يسمى تدليس أيضاً، هذه الصورة لا خلاف في كونها تدليس، إذاً إذا تحرر الفرق بين التدليس والإرسال الخفي، أهل العلم قسموا التدليس إلى قسمين: تدليس إسناد، وتدليس شيوخ، طيب قد يقول قائل: الشيوخ من الإسناد، لماذا لا يقال: أن تدليس الشيوخ من تدليس الإسناد؛ لأن الشيوخ طبقة من طبقات الإسناد؟ لكنه يختلف عن تدليس الإسناد؛ لأن تدليس الإسناد فيه إسقاط، وتدليس الشيوخ ما فيه إسقاط، السند متصل، يعني إذا روى الراوي عمن لقيه ما لم يسمعه منه بصيغة موهمة كـ(عن) و(أن) مثل هذا تدليس، مثل هذا يسمى تدليس، طيب تدليس إسناد، بمعنى أنه سقط من الإسناد، فهو تدليس إسقاط، هذا التدليس يتفنن فيه المدلسون، فمنه تدليس القطع، يقول: حدثنا ويسكت، ثم يقول: فلان بن فلان عن فلان عن فلان عن فلان، هل هو يقصد بهذا حدثنا فلان؟ نعم، يقول: حدثنا ويسكت، ثم بعد ذلك يأتي باسم راوٍ لم يحدثه، لا يريد أن تكون هذه الصيغة لمن ذكر بعدها، هذا تدليس قطع، والسامع ينطلي عليه، نعم، بحيث يظن أن هذه الصيغة لهذا الراوي؛ لأنه لو قال: حدثنا فلان وهو ما حدثه صار كذب، وهو لا يريد أن يوصف بالكذب، ولا يريد أن يكذب في الخبر؛ لأنه لو قال: حدثنا ولم يحدثه صار كذاب، هو لا يريد أن ينسب إليه الكذب، فيقول: حدثنا ويسكت، لكنه مغرم بالتدليس، عند بعضهم التدليس أشهى شيء؛ لأن فيه شيء من النباهة، وشيء يسمونه الضحك على الناس، وإن كان الأئمة الذين وصفوا بالتدليس أئمة أجلاء، ومعروفين لهم..، يعني لاسيما من احتمل الأئمة تدليسهم كالسفيانين وغيرهما، لكن فيه تفنن، فإذا قال: حدثنا وسكت ثم ذكر اسماً بعد ذلك، هذا يسمونه تدليس قطع، وإذا قال: حدثنا فلان وفلان، وهو لا يريد العاطفة، الواو العاطفة، يريدها استئنافية، فيخبر عن فلان الثاني بخبر يضمره، يقول: "حدثني فلان" صحيح حدثه فلان، لكن فلان الثاني وفلان -يضمر- غير مسموع لي، أو فلان لم يحدثني، حدثني فلان وفلان لم يحدثني، هذا يسمونه إيش؟ تدليس العطف، تدليس القطع وعندنا تدليس العطف، في تدليس يسمونه شر أنواع التدليس تدليس التسوية، فيأتي إلى ضعيف بين ثقتين لقي أحدهما الآخر فيسقط الضعيف، ويقتصر على الثقتين، هذا يسمونه تدليس التسوية، وهو شر أنواع التدليس، شر أنواع التدليس تدليس التسوية، فإذا روى زيد عن بكر عن عمرو، بكر هذا ضعيف، وزيد لقي عمرو، بحيث لو بحثت ما وجدت انقطاع يسقط هذا الضعيف، وزيد لم يروِ عن عمرو إلا بواسطة بكر هذا الضعيف، فإذا أسقطه صار تسوية، سوى الإسناد، ويسميه القدماء تجويد، يعني جوده، ذكر الأجواد فقط، دون الأدنية، أسقط الأدنية، هذا تدليس تسوية، وهو شر أنواع التدليس، وليس من هذا النوع إذا روى الراوي الخبر عن اثنين أحدهما ثقة والآخر ضعيف، اقتصر على الثقة وحذف الضعيف، يعني البخاري حينما يروي خبر من طريق مالك وابن لهيعة يحذف ابن لهيعة، يقتصر على مالك، تدليس وإلا ليس بتدليس؟ ليس بتدليس؛ لأنه ليس بحاجة إلى ذكر الضعيف، يكفيه الثقة، فيسقط الضعيف ويرويه عن طريق الثقة، وهو قد سمعه من هذا الثقة ما في إشكال، ليس من أنواع التدليس، هذا التدليس إسقاط بأنواعه، وهو عيب وذم، وفعله إذا كان القصد منه ترويج الأحاديث الضعيفة المروية من قبل الضعفاء لا شك أن هذا غش وغرر لا يجوز، وإذا روى عمن لم يروِ عنه بصيغة محتملة هذا هو التدليس، وقد اشترط للصيغة المحتملة كعن فلان، وأن فلان قال، وقال فلان أن يكون الراوي بريئاً من التدليس، على ما ذكرنا في السند المعنعن، إما إذا كان الراوي مدلساً فلا بد أن يصرح، ولا تقبل منه العنعنة، لاسيما إذا كان من الطبقة الثالثة على تصنيف ابن حجر والعلائي وغيرهم، هناك نوع من التدليس وهو تدليس الشيوخ، هذا ليس فيه إسقاط، وليس فيه إسقاط " وَمَـا أَتَى مُدَلَّـساً نَوْعَانِ ".
" الأوَّلُ الإسْقُاطُ للشَّـيْخِ وَأَنْ *** يَنْقُلَ عَمَّنْ فَوقَهُ بِعَنْ وَأَنْ "

هي (أنّ) أصلها (أنّ) لكن سكنت للروي.

وَالثَّانِ لا يُسْقِطُهُ لٰكِنْ يَصِفْ *** أوْصَافَهُ بِمَا بِهِ لاَ يَِنْعَـرفْ

« الشَّـرْحُ » :
لا يسقط الراوي لكن يصفه بوصف لا ينعرف به، أو يكنيه بكنية لا يعرف بها، أو ينسبه بنسبة لا يعرف بها، أو يذكر بلقبه، وقد اشتهر باسمه يذكره بكنيته، وقد اشتهر بنسبته هذا تدليس؛ لأن فيه توعيراً للوصول إليه، فإذا قلت مثلاً: حدثني أبو صالح الشيباني، كثير من الناس لا يدري من أبو صالح الشيباني؟ لا يعرف أن الإمام أحمد له الابن الأكبر اسمه صالح، ونسبته شيباني، أو حدثني ابن هلال الشيباني جده هلال، هذا لا شك أن تدليس شيوخ، وليس فيه إسقاط، لكن فيه توعير للوصول إلى هذا الراوي، الصيغ الموهمة: (عن) و(أن) و(قال) هذه الصيغ الموهمة التي يشترط فيها الشرطان المتقدمان، (قال) مثل (عن).

................. أمــا إذا *** ولشـيخه عـزا بـ(قال) فكذي
عنـعنةٌ كخـبر المـعـازف *** لا تصغ لابـن حزمٍ المخالف

"أما الذي لشيخه عزا بـ(قال) فكذي عنعنة" (قال) مثل (عن) محمول على الاتصال بالشرطين المعروفين، و(أن) مثل (عن) محمول على الاتصال بالشرطين المذكورين، (أن) منهم من يقول: إن (أن) ليست مثل (عن) بل هي منقطعة، ونسب ابن الصلاح هذا القول إلى الإمام أحمد ويعقوب بن شيبة، عمدته في ذلك أنهما حكما على خبر واحد مرة بالاتصال ومرة بالانقطاع، فعن محمد بن الحنفية أن عماراً مر بالنبي -صلى الله عليه وسلم- قال الإمام أحمد منقطع، عن محمد بن الحنفية أن عمار مر بالنبي -صلى الله عليه وسلم- قال: منقطع، الرواية الثانية عن محمد بن الحنفية عن عمار أنه مر بالنبي -صلى الله عليه وسلم- قال: متصل، فابن الصلاح تصور أن الحكمين اختلفا لاختلاف الصيغة، لكن كما قال الحافظ العراقي:
"كذا له ولم يصوب صوبه" يعني ما أصاب المحز، ما أصاب السبب الحقيقي للتفريق بين الروايتين، لما يقول تابعي مثلاً، تابعي ما حضر القصة يقول : إن عماراً مر بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، ولو قال مر عمار بالنبي -عليه الصلاة والسلام- لقلنا: منقطع، أنت ما حضرت، أنت تابعي، كيف تحكي قصة ما حضرتها ؟ لكن إذا روى هذه القصة عن صاحبها، عن عمار نفسه، لما يقول محمد بن الحنفية: عن عمار أنه مر بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، نعم تكون متصلة؛ لأنه يرويه عن صاحبها، فليس الاختلاف بين الحكمين للاختلاف في الصيغة، وإنما مرده أنه في الطريق الأول التابعي يحكي قصة لم يشهدها فهي منقطعة، وفي الطريق الثاني التابعي يروي القصة عن صاحبها فهي متصلة.

............................... *** وحكم (أن) حكم (عن) فالجلُ
سووا وللقطع نحا البرديجي *** حتى يبين الوصل في التخريجِ

يقول: منقطعاً البرديجي، فهذه الصيغ الموهمة المحتملة للاتصال وعدمه، يعني أنت لما تقول: قال الإمام أحمد، نعم منقطعة، لكن لما تقول: قال فلان، تنقل عن شيخ أدركته، وتقول: قال فلان، الاحتمال قائم أنك سمعته منه، أو بواسطة، لكن لما تقول: حدثني فلان صيغة موهمة وإلا محتملة وإلا غير؟ ليست محتملة، ما هي محتملة إلا محتملة للصدق والكذب، إما أن تكون صادق وإلا كاذب، أما كونك سمعت بواسطة لا بخلاف (قال):

........... أما الذي *** لشيخه عزا بـ(قال) فكذي
عنعنة كخبر المعازفِ *** لا تصغ لابن حزم المخالفِ

وعرفنا ما بين (عن) و(أن) من وفاق.


" وَالثَّانِ لا يُسْقِطُهُ لٰكِنْ يَصِفْ *** أوْصَافَهُ بِمَا بِهِ لاَ يَِنْعَـرفْ "

بحيث يوعر الوصول إليه، وهذا يفعله كثير من أهل العلم من باب التفنن في العبارة، بعض الناس يمل أن يقول: حدثني أحمد بن محمد بن فلان، يكون مكثر من الرواية عنه، فكونه في كل خبر حدثني فلان بن فلان بن فلان باسمه الثلاثي أو الرباعي مع نسبته على وتيرة واحدة يمل، لكن مرة يرويه بالكنية، ومرة يرويه بالنسبة، هذا الخطيب البغدادي يكثر من مثل هذا للتفنن في العبارة، سم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://al3ilme.yoo7.com
 
شرح المنظومة البيقونية للشيخ عبد الكريم الخضير ج5
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» شرح المنظومة البيقونية للشيخ عبد الكريم الخضير ج2
» شرح المنظومة البيقونية للشيخ عبد الكريم الخضير ج3
» شرح المنظومة البيقونية للشيخ عبد الكريم الخضير ج4
» شرح المنظومة البيقونية للشيخ عبد الكريم الخضير ج6
» شرح المنظومة البيقونية للشيخ عبد الكريم الخضير ج7 والاخير

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
أهل القرآن. :: الأقسام العلمية :: الحديث وعلومه-
انتقل الى: