نيل السول من تاريخ الأمم وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم
للشيخ حافظ بن أحمد الحكمي رحمه الله
بسم الله الرحمن الرحيم
1- الحمد لله المهيمن الأحد
باري البرايا الواحد الفرد الصّمد
2- ذي العدل و الحكمة فيما أبدعه
كما هو الحكيم فيما شرعه
3- لا شيء قبله لأوّليته
كلا و لا انتها لآخريته
4- كما هو الظاهر فوق كل شيء
و باطن ما دونه يحول شيء
5- يفعل ما يشا و يختار و لا
يسأل جل الله عما فعلا
6- له جميع الخلق و الأمر فلا
منازعًا له تعالى و علا
7- أشهد أنه الإله الحق
و ما سواه باطل لا حق
8- و أن خير خلقه محمدا
رسوله إلى العباد بالهدى
9- عليه صلى الله ثم سلما
و الآل والصحب و تابع سما
10- و بعد: فاعلم أن أعلى الرتب
مرتبة العلوم ميراث النبي
11- من نبإ فيما مضى أخبر به
أو ما سيأتي بعد فاحفظ و انتبه
12- أو كان في حكم عبادة و في
حكم الحلال و الحرام فاعرف
13- و كان في التاريخ ما به دُري
موارد الشرع مع المصادر
14- و أوضح الطريق في الوصول
لسابق ما جا عن الرسول
15- أعني به نص الكتاب المحكم
و سنة النبي بإسناد نمي
16- وما يكن من بعده قد صدرا
فالنقل في ذلك قد توافرا
17- وهاك نبذة بها إلى المهم
أشير فاستمعه واحفظ يا فهم
18- والله أرجو المن بالإتمام
فإنه ذو الفضل و الإنعام
ذكر بدء الخلق
19- اعلم بأن الله لا سواه
رب و لا إله إلا الله
20- و كل ما سواه مربوب له
مفترض عليهم التأله
21- و كلهم خلق له مقدر
و لم يكن من قبل شيئًا يذكر
22- أجرى بما قدر في اللوح القلم
بعلمه السابق من قبل القدم
23- فكل شيء واقع كما عَلِم
موافقًا مطابقًا لما رسم
24- سبع سموات بنى طباقا
و الأرض سبعًا مثلها وفاقا
25- في ستة الأيام أبداها سوا
بقدرة ثم على العرش استوى
26- و كان عرشه على الماء كما
قد جاء في الوحيين نصًّا محكما
27- و أنشأ الأملاك من أنوار
و الجن قل من مارج من نار
28- هذا و لما شاء خلق صفوته
آدم مظهرًا بديع حكمته
29- فقال معلنًا لهم تشريفه
إني بأرضي جاعل خليفه
30- صوره بيده من طين
و فيه ألقى الروح بعد حين
31- علمه الأسماء كلها لكي
يعلمهم حكمته في كل شي
32- و أمر الأملاك بالسجود له
فامتثلوا الأمر بلا مجادله
33- و استكبر الملعون إبليس الغوي
إمامُ كل عابد لما هوي
34- عارض أمر ربه بعقله
و ردّه مفتخرًا بأصله
35- و كان في ذلك طاعنًا على
ذي العدل و الحكمة فيما فعلا
36- فباء باللعنة ثم النار
بعد تمام مدة الإنظار
37- و قال مقسمًا على إغوائه
جميع من صار من أوليائه
38- و ما له والله من سلطان
على ولي كان للرحمن
39- وغر آدمًا بأكل الشجره
وظن أن قد نال منه وطره
40- فاعترف الصفي بالذّنب و تاب
و آب و استغفر قابل المتاب
41- فتاب ربه عليه و هدى
وخاب إبليس الذي قد حسدا
42- لكنه أهبطهم ليبتلي
و يعلم العاصي من الممتثل
43- و قد أتت قصته مقرره
بينة مبسوطة في البقره
44- والحجر والأعراف والإسرا و صاد
والكهف مع طه فأبدى وأعاد
45- محذّرًا عباده من فتنته
و عن توليه وعن ذريته
46- و هم لنا من أخبث الأعداء
و إنما يدعون للإغواء
47- و هكذا في الموقف الموعود
يذكر الظالم بالعهود
48- فانظره في يس نصًّا محكما
بعد (سلام) إذ يميز المجرما
49- ثم سرى و دبّ داء الحسد
بقتل قابيل أخاه أن هدي
50- من كان مقتولا عليه حملا
كفل بحيث القتل سَنَّ أولا
51- وشيث صح كونه نبيا
و لأبيه قد غدا وصيا
52- وبعده إدريس من قد رفعه
خالقه إلى السماء الرابعه
53- وبين ذاك أمم لا يعلم
تفصيلها إلا العلي الأعظم
54- وقد جرى الأمر على السداد
و الناس كلهم على الرشاد
55- حتى إذا ما اختلفوا و أشركوا
بالله جلّ الله عمّا ائتفكوا
56- أرسل رسله مبشرينا
و من عقابه محذرينا
57- فدعوا الناس إلى التوحيد
و أن يجلّ الله عن نديد
58- أولهم نوح الذي قد أرسلا
لكل من في الصالحين قد غلا
59- وُدًّا سواعا و يغوث معهموا
يعوق نسرًا صالحون منهموا
60- فكذبوا فأهلكوا بالغرق
ثم نجا نوح مع المصدق
61- فانظر لبسط ذاك في الأعراف
يونس مع هود بيان كافي
62- والأنبيا والمؤمنين الشعرا
والعنكبوت فيه أيضًا ذكرا
63- و الصافات اقتربت و أُنزلت
في ذاك سورة به قد كملت
64- و استخلف الرحمن عادًا بعدهم
واستكبروا عما له أرشدهم
65- و كذبوا بالوعد و الإيعاد
و أنكروا قيامة الأجساد
66- و عبدوا هرًا صدًا صمودا
فأرسل الله إليهم هودا
67- فكذبوه فنجا و من معه
من مؤمن أجابه و اتبعه
68- و أخذوا أخذ عزيز مقتدر
بصرصر في يوم نحس مستمر
69- فانظره في هود و في الأعراف
كذا بقد أفلح و الأحقاف
70- والشعرا والذاريات فصلت
والفجر نجم تلو نون اقتربت
71- ثم ثمود بعد عاد استخلفوا
حتى بغوا وأنكروا ماعرفوا
72- فأرسل الله إليهم صالحا
فقام بالتوحيد فيهم صارخا
73- فاستكبروا وكذبوا رسولهم
فأرسل الناقة فتنة لهم
74- فعقروها و عتوا فدمدما
عليهموا بصيحة من السما
75- و قد نجا صالح مع من آمنا
من قومه برحمة من ربنا
76- فاقرأه في الأعراف مع هود وفي
نمل كذاك الشعرا به تفي
77- و غيرها من سور القرآن
مفصلا بأوضح التبيان
78- كذا خليل الله إبراهيم قد
بعثه الله و آتاه الرشد
79- و الناس إذ ذاك على أقسام
فبين عاكف على الأصنام
80- و عابد هياكل النجوم
دون الإله الصمد القيوم
81- و بين من لنفسه قد ادعا
بأنه رب و للناس دعا
82- فقام فيهم بإقام الحجه
عليهموا وأوضح المحجه
83- بأنه لا رب إلا الله
و لا إله أبدًا سواه
84- فكان ما قد قص في الأنباء
عنه كالانعام و الأنبياء
85- بل ذكره قد جاء في مواضع
فوق الثلاثين من الوحي فع
86- كان حنيفا دينه الإسلام
و هو لكل مسلم إمام
87- فضله خالقه تفضيلا
يكفي أن اتخذه خليلا
88- و كل مَنْ مِنْ بعده قد أُرسلا
فهو بلا مرية ممن نسلا
89- لا لوط فهو ابن أخيه فاعرف
و الخلف في يونس بين السلف
90- و كان في حياة إبراهيم ما
عن قوم لوط قصه الله كما
91- في سورة الأعراف هود الشعرا
و النمل ثم العنكبوت ذكرا
92- و الذاريات مع سواها فاعلم
أعظم بها موعظة للفهم
93- وجاء في القرآن من بعدهموا
ذكر شعيب منذرًا من ظلموا
94- إذ عبدوا الأصنام و الأوثانا
و بخسوا المكيال و الميزانا
95- هم أهل مدين و كان الأيكةُ
اسمًا لطاغوتهم الذي أتُوا
96- و من يقل هم أمّتان غلطا
وجا حديث فيه رفعه خطا
97- و مدين من ولد الخليل
أخ لإسحاق واسماعيل
98- فكذبوا نبيهم و أنكروا
ما جاءهم به و عنه استكبروا
99- فأهلكوا برِجْز يوم الظُّلَّة
بصيحة من فوق مع زلزلة
100- فينبغي للخلف مِنْ بعدهموا
تَفَكُّرٌ مع اعتبارٍ بهموا
101- و خوفُ ما أصابهم إذا ارتُكِبْ
مثل الذي قد ركبوا فليُجتنَبْ
102- فإنما قص علينا الله
أنباءهم في الوحي كي نخشاه
103- و نعلم الأسباب للنجاة
و نتَّقِيْ مصارع الغواة
104- فادَّكِرُوا بذكر ذي الوقائع
و اعتبروا بِتِلْكُمُ المصارع
105- فسنَّة الإله لا تُبَدَّلُ
فأين شئتم بعد هذا فَانْزِلُوا
ذكر ذرية إبراهيم عليه السلام
106- الأشهر من بنيه إسماعيلُ
إسحاقُ كلٌّ منهما رسولُ
107- و كان إسماعيل والدَ العربْ
كما سيأتي عند ذِكرِنا النَّسَبْ
108- و هْوَ الذبيحُ دونما مجادلهْ
و من يقل إسحاقُ لا برهان لهْ
109- و هْوَ الذي أبوه قد أسكنهُ
في حرم الله الذي آمنهُ
110- وقد بنى الكعبة معْ أبيه عن
أمر الإله ذي الجلال و المِنَنْ
111- و قد رُويْ بناؤه من قبل ذا
و ذاك عن أهل الكتاب أُخِذَا
112- وكان من إسحاق الأنبياءُ في
أولاد إسرائيل لم يُختلفِ
113- فمنه يعقوبُ الذي بُشِّرَ بهْ
و منه يوسفُ الكريم فانتبهْ
114- إبنُ الكريم بن الكريم بن الكريم
الكل أنبياء بالنصّ العظيم
115- و قد أتت قصته مفصّله
في سورةٍ من المِئِينِ كامله
116- ومنه أيوب الصبور المبتلى
من ولد العيصِ كما قد فُصّلا
117- و منه ذو الكفل و في نبوتهْ
قولان و الجل على نبوتهْ
118- ومنهموا موسى الكليمُ المصطفى
من سِبْطِ لاوَى وهو صِنْوُ يوسُفا
119- أرسله الله إلى فرعونا
و قومه الطغاة أجمعينا
120- من بعد أن في حِجرهِ قد رُبِّيْ
و ذاك من أعجبِ آي رَبِّيْ
121- لينقذ الله الذين استُضْعِفُوا
به ويقصم الذين أسرفوا
122- و جعل الله له وزيرا
أخاه هارون فكن خبيرا
123- فجاءهم بأوضح الآياتِ
و أقوم البرهان و العظاتِ
124- فلم يُجِبْ و يَرْعَوِي عن ظلمه
إلا قليل ضُعَفَا من قومه
125- و إن تُرِد قِصّته مُستكملَهْ
بيِّنةً مبسوطةً مفصّلهْ
126- فانظره في العَوانِ أعلى قصص
الأعرافِ طه النمل ثم القصصِ
127- والشعراء و غافرٍ وغيرِها
لم يأت بسط قصة كذكرها
128- و المقصدُ الآن انتهاءُ الأمرِ
بأنه إهلاكُ حزبِ الكفرِ
129- إذ أمر اللهُ النبيْ أنْ أسرِ
بالمؤمنين لجواز البحرِ
130- ثم نَجَوا إذ لهم البحر انفرقْ
و باء كل المجرمين بالغرقْ
131- و هكذا سنة رب العرش
في الكافرين بشديد البطش
132- هذا ولما أن نجى موسى بمنْ
آمن معْه بامتنان ذي المِننْ
133- وبعد ما رأوا من الآياتِ
وشاهدوا من أبلغ العظاتِ
134- قد سألوا سفاهةً وجهلا
منه إلهًا غيرَ ربِّي الأعْلى
135- وفي ذهابه إلى الميعادِ
كلَّمه الله بلا تِردادِ
136- وكتب التوراة بالتبيانِ لهْ
موعظةً بيِّنةً مفصَّلهْ
137- وخالفوهُ سفهًا فعبدوا
ما السامريُّ صاغَهُ وندَّدُوا
138- معْ أنَّ فيهم بعده هارونا
عليهموا خليفة مأمونا
139- فاستَضعَفُوهُ وعَتَوا و كادوا
أن يقتلوه ساء ما قد كادوا
140- وحينما قد جاء بالكتابِ
عاتبهُمْ بأبلغِ العتابِ
141- وأحرق العجل الذي قد عبدوا
وعاينوا لعجزِه و شاهدوا
142- ومعَ ذا حادُوا عن الإيمانِ
و سألوهُ رؤية الرحمنِ
143- فصُعِقوا و بعد ذا أحياهم
رب السما من بعد ما أفناهم
144- و كان من توبتهم أن يَقْتُلا
بعضهموا بعضًا جزاء و ابتلا
145- و قد تولَّوا عن قبول ما أتى
موسى عن الله به و ثبتا
146- إلا برفع الطور فوقِهم إلى
أن شاهدوا وقوعه لا جدلا
147- و بعد ذاك امتَنَعُوا أن يدخُلوا
معه إلى القرية بل تخاذلُوا
148- فعُوقِبوا بالتِّيهِ أربعينَا
عامًا و ما كانوا بمُهتدينَا
149- ثم عليهم الغمام ظُلِّلا
و المنُّ والسّلوى عليهم أُنزِلا
150- و فَجّر اللهُ لهم من الحجرْ
من العيون مشربًا ثِنْتَيْ عشَرْ
151- و مع ذا تعنّتوا في الطلب
و سألوا خلاف ذا من النبي
152- و منه ما تعنّتوا عليه بِهْ
في قصّة القتيلِ فيهم فانتبهْ
153- من السؤال عن صفاتِ البقرهْ
كما أتى تفصيلُه في البقرهْ
154- و غير من اختلافِهم على
نبيّهم حال حياته و لا
155- تسألْ عن اختلافهم من بعده
فذاك لا إحاطةٌ بحده
156- إذْ أُمِرُوا عند دخول القريةِ
بسجدة ثم بقول حطَّةِ
157- فبدّلوا غير الذي قِيل لهم
فعُوقبوا بالرجز تنكيًلا لهم
158- و منه ما في قصة السَّبت أتَوْا
من احتيالٍ للحرام فأتَوْا
159- من ذلك الذّنب فعُوقبوا بما
قد قصّه الله جَزَا من ظَلما
160- ومنه تكذيبُهُمُو للرّسلِ
من بعد موسى بافتراءِ الباطلِ
161- و قتلُهم لأنبياء الله معْ
تبديلهمْ نَصَّ الكتاب بالبدعْ
162- و غيرِ ذاكَ من أمورٍ قَصَّها
في وحيهِ اللهُ عليكَ نصَّها
163- فانظر إلى تلاعب الشيطانِ
بهمْ و عُذْ بالله ذي السلطانِ
164- و بعد موسى يوشع ثم اليسع
شمويل داوود سليمان اتبع
165- والخلف في عزير هل نبيا
أو كان عبدًا صالحًا وليا
166- و زكريا بعدهم و يحيى
قد حاز كلٌّ حكمة ووحيا
167- واستشهدا كلاهما إذ قتلا
ظلما و عدوانا عليهما ابتلا
168- وابن البتول كائن من غير أب
و ليس في قدرة ربي بعجب
169- كلمة الله و روح منه
عبد رسول للبلاغ عنه
170- خلقه الله الذي قد أوجدا
لكل شيء خلقه ثم هدى
171- نوع هذا العالم الإنساني
أربعة الأنواع بامتنانِ
172- فآدم من غير والدين
و منه حواء بدون مين
173- وكان من مريم عيسى دون أب
وسائر الخلق فمن أم و أب
174- ليعلم الخلق شمول قدرته
وفعله ما شاء في خليقته
175- أرسله الله تعالى منذرا
مصدقا مَن قبله مبشرا
176- بأن بعده يجيء أحمدُ
فكذبوه جهرة و جحدوا
177- إلا الحواريين ثم كادوا
يهود إياه و قد أرادوا
178- أن يقتلوه مثل من تقدما
و الله شاء رفعه إلى السما
179- حيا و سوف دون شك ينزل
لقتل دجال و فينا يعدل
180- و قتل اليهود شبهه و قد
ظنوه إياه و لله المرد
181- واختلفوا في شأنه الكفار
وكلهم ظلمة فجار
182- فبهت اليهود أمه بما
برأها منه الإله في السما
183- ثم النصارى قد غلوا و ضاهوا
وأقبح الكفر به قد فاهوا
184- و افترقوا في كفرهم أحزابا
عليهم اللعنة لا حسابا
185- فبين قائل هو الله الصمد
و قائل بل هو لله ولد
186- و قائل ثلاثة و عدهم
عيسى وأمه ومن أوجدهم
187- قد كذبوا ليس لربي من ولد
و لم يكن له شريكًا من أحد
188- تنزه الله و جل و علا
عن إفكهم و هو العلي ذو العلا
189- ولم يكن من بعد عيسى من نبي
إلا محمدًا رسول العربي
190- مفخر هذا العالم الإنساني
و خاتم الرسل بلا نكران
191- من ولد الذبيح اسماعيلا
و شرعه لا يقبل التبديلا
192- مادامت الدنيا ولا ناسخ له
فلاتطع زخارف الدجاجله
193- ثم إلى نوعين يمتاز العرب
و بعضهم إلى ثلاثة ذهب
194- فعرب الحجاز من عدنان
ثم اليمانيون من قحطان
195- والخلف في قضاعة هل تتصل
بواحد من ذين أم هل تستقل
196- و كلهم من ولد الذبيح
على الأصح و هو في الصحيح
197- و قال آخرون بل عدنان
منه و كان قبله قحطان
198- و النظم لا يسمح بالتعداد
لنسب الآباء و الأجداد
199- فارجع إلى كتب بذا الفن تفي
لتعلم الراجح من مختلف
ذكر أحوال الجاهلية و ما كان عليه العرب
في زمن الفترة
200- اعلم بأن الله قد أخبرنا
عن شأن إبليس و قد حذرنا
201- فتنته و أنه قد آلى
ليغوين من له قد والى
202- و كان من إغوائه أتباعه
تزيينه الشرك لمن أطاعه
203- فافترقت أحزابه الغاوونا
كلا أتى من حيث ما يهوونا
204- ففرقة قد عبدوا النيرانا
و آخرون عبدوا الثيرانا
205- و آخرون عبدوا الأملاكا
و آخرون عبدوا الأفلاكا
206- و آخرون عبدوا الأشجارا
و آخرون ألهوا الأحجارا
207- وآخرون عبدوا الإنسانا
بعضهموا بعضًا رأوا إحسانا
208- و آخرون الرب جهرًا جحدوا
و للوجود خالقين اعتقدوا
209- و قال قوم مثلهم و زادوا
لا بدء للخلق و لا معاد
210- و غير هذا من ضلال و ردى
و طرق بعيدة عن الهدى
211- و قد مضت أزمنة و العرب
على الحنيفية لم ينقلبوا
212- حتى إذا ما جاء عمرو بن لحي
وسوس إبليس له من كل غي
213- فأدخل الإشراك في تلبته
واستخرج الأصنام من كنانته
214- وهي التي في قوم نوح عبدت
وبعد إغراقهموا قد فقدت
215- ودّا سواعًا ويغوث نسرا
يعوق قد دعى إليها جهرا
216- فكل من أجابه لما دعا
إليها منها واحدًا قد دفعا
217- وشرع النذر لأجل النصب
كالحام و البحيرة السوائب
218- و عمت البلوى بها و كثرت
و بين أكثر العباد انتشرت
219- كنحو عزى و مناة و هبل
و كم سواها كان يدعى ويجل
220- ونصبوا من ذاك حول الكعبة
ستين من بعد ثلاثمائة
221- بل كل دار أهلها لهم صنم
يرجون خيره وكشف ما ألم
222- هذا و هم يدرون أن الله لا
ربًّا سواه خالقًا مفتعلا
223- وأنه البارئ والمصور
و كل ما يشا عليه قادر
224- و أن كل هذه الأصنام لا
تملك من خير ولا دفع بلا
225- بل زعموا وسائطًا و شفعا
تزلفهم من ربهم فشنّعا
226- عليهمو الله وسمى ذلك
شركًا صريحًا بالعزيز المالك
227- وكان من أكبر شبهة لهم
أن قد عليها وجدوا أولهم
228- فكان ذا جواب كل الأمم
عن ما له قد أنكرت رسلهم
229- قالوا وجدنا هكذا آباءنا
و قد جعلنا بهموا اقتداءنا
230- وقد نفى شبهتم تعالى
بكون آبائهموا ضلالا
231- و كان من أمرهم التحاكم
إلى الطواغيت و أن يستقسموا
232- في أي أمر ناب بالأزلام
و يسألوا الكهان باستعلام
233- عن غائب و ما يقولوا صدقوا
يرون نصحا مابه قد نطقوا
234- و منه الاستنكار للميعاد
و جحدهم قيامة الأجساد
235- و منه الافتخار بالأحسابِ
والطّعن إن أمكن في الأنسابِ
236- و نخوة الجهال كالتعصب
للشعب لو بباطل مرتكب
237- و الوأد للبنات خوف العار
و للذكور خوف الافتقار
238- و منه رد الحق إن جاء معا
من يكرهونه و لو متبَعَا
239- و منه الافتخار بالمظالم
وبعضهم كان يعين الظالم
240- و منه الاستسقاء بالأنواء
و الحلف بالأولاد و الآباء
241- و النوح والتعداد للمحاسن
من ميت لو كذبًا للفتن
242- وغير ذي مما لها الله ذكر
في الوحي تحذيرًا لأرباب البصر
243- و قد بقي من دين إبراهيما
و حسن خلْقٍ لم يكن ذميما
244- كالحج والطواف والتعظيم
للبيت و السعي بلا توهيم
245- والصدق في الغالب و الإكرام
لوافد و صلة الأرحام
246- كذا مواساة الضعيف فاعلم
والعتق مع تصدق لاتِهِم
247- ونصرة المظلوم والشجاعه
والصبر في اللقا و الاستطاعه
248- كذا إبا الضّيم و غير ذلك
و ذمّهم من لم يكن كذلك
249- مع كونهم قد غيروا الكيفيه
من بعضها وأصلها شرعيه
250- نحو وقوفهم بدون عرفه
بل ألفوا الوقوف بالمزدلفه
251- و كالتعري حالة الطواف
و غيره هذا مثال كافي
252- فبعث الله محمدًا إلى
جميعهم إنسًا و جنًّا مرسلا
253- ثم عليه أنزل القرآنا
لكل شيء كائنٍ تبيانا
254- فقام فيهم آمرًا و ناهيا
و للصراط المستقيم هاديا
255- وكل خير فبه قد أمرا
إياهموا وكل شرّ حذرا